وجوه علمَانية .. في الحُكومة المصرية
بدأت
معالم الحكومة الجديدة، برئاسة عصام شرف، تتضح، ويتضح معها ما كنا نتوقعه،
لا أقول نخشاه إذ لا يخشى المرء ما يتوقع يقيناً، وهو إطلالة العلمانية
برأسها لتأخذ مكانها في سدّة الحكم الإنتقاليّ - حتى الآن. وتمثلت هذه
الإطلالة في تعيين يحي الجمل نائباً لرئيس الوزراء، وسكينة فؤاد وَزيرة
للثقافة.
يحيَ الجمل هو من أفتى بعدم فرضية الحجاب في مجلسٍ
"للمثقفين" منذ عدة سنوات، وسكينة فؤاد، صاحبة القصص الموّجه للحرية
المزعومة للمرأة، وعضو الحِزب "التقدميّ" الديموقراطيّ وما أدراك ما
"التقدميّ" في عُرفِ هؤلاء الذين يرون عَدم خَلط الدين بالدولة.
وإذا
ضربنا الذكر صفحاً عن حادثة عَدم صَلاة عِصام شَرف في جَمْعِ التَحرير،
ودِلالته القَطعِية على حِرصِ الرجل على أن لا يظهر بمظهر المتديّن الذي
ينتمي للإسلام، وهو في موقِعٍ حكوميّ، وعَدم إحْراج القبط في هذا الأمر،
ومن ثمّ إرسال رسالة أنه لا يخلط الدين بالحياة السِياسية العَامة، فإنّ
إختيارَ الجَملِ وسكينة ينبئان عن بدء معركة الدعوة في سبيل نصرة الإسلام
ضدّ قوى العلمانية التي لا تعيش إلا في النُخبة (الملأ) ولا يوجد لها رصيد
حقيقيّ بين الناس، اللهم إلا في تخوفهم من ممارسات الجماعات الإسلامية،
خاصة بعد مواقفهم غير المُشرفة والإنتهازية من الثورة، وعدم فهمِهم
للطلاسِم التي يتحدث بها هؤلاء (كما يراها العامة)، بلغة العصر من ناحية،
وإذدرائهم لمواقف البعض في مجال السياسة في العهد البائد من ناحية أخرى.
العلمانية
ستكتسح مقاعد الحكومة المؤقتة والقادمة ولا شك، إذ سيكون الرئيس علمانياً
ولاشك، ثم يُرشح رئيس وزراءٍ عِلمانيّ، ومن ثم وزارة عِلمانية. ويأتي
بعدها مَجلس الأمة، الذي سيكون فيه عدد من المسلمين، وكثيرٌ من
العِلمانيين. هكذا ستتشَكّل التوليفة الجديدة في نظام الحكم المصريّ،
والتي يرعاها الجيش لما لقياداته من توجه علماني صريح.
هنا،
تبدأ رحلة الدعوة. فالميّزة الرئيسية التي اكتسبها المُسلمون في هذا
التغيير هو رفع القبضة الأمنية عنهم من ناحية، وإطلاق الحريات العامة من
ناحية أخرى. وهو ما سيجعل حركتهم بين الناس اسهل وأقرب دون حاجة للتخفى
والتوجس. لكنها حركة يجب أن تبدأ في أقرب فرصة، وعلى بيّنة من أمرها.
هذه الدعوة يجب أن تتبنى معالم جديدة في الطريق، تستلهم فيها معالم الطريق الذي قطعناه، وتحسب حساب ما هو آتٍ بوعيّ وحكمة.
ولعل الله سبحانه ان يوفق في بيان هذه المعالم فيما يأتي من مقالات.
التوقيع
اللهم دبر لنا فإنا لا نحسن التدبير
اللهم دبر لنا فإنا لا نحسن التدبير
اللهم دبر لنا فإنا لا نحسن التدبير
للهم ارنا الحق حقا و ارزقنا اتباعه
و ارنا الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه